4:28 م
0


العقل السليم في الجسم السليم. وحتى نحافظ على سلامة أجسامنا لا بد لنا من المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية. أما لمن يجد سداً منيعاً بين رغبته في ممارسة الرياضة وضيق الوقت، فما عليه سوى ابتكار حل تصالحي يهدم الجدار المانع، كالاستغناء عن استخدام المصعد لبلوغ مكتبه في الطابق الثالث أو الرابع لصالح استخدام الدرج، أو الذهاب إلى مكان العمل سيراً على الأقدام، وفي حال كان العمل بعيداً، فما عليه إلا استخدام الدراجة الهوائية.

أجل الدراجة! هذه الوسيلة الخفيفة الظريفة التي تمتلك ميزات متعددة تؤهلها اليوم لتستعيد موقعها المنسي، لتعود وتصبح الوسيلة الأولى للانتقال، كما هو حاصل اليوم ضمن مجتمعات تتميز برقيها وتقدمها، إضافة إلى استخدامها كوسيلة لممارسة الرياضة والحفاظ على الصحة العامة، خاصة مردودها الإيجابي على عمل القلب والأوعية الدموية وحرق السعرات الحرارية والدهون وتقوية عضلات الأرجل، وبالتالي إطالة العمر، شرط المواظبة على ممارستها.


ففي هولندا مثلاً، وعلى الرغم من برودة الطقس الشديدة، نجد الناس وهم ماضون في توجههم نحو الخيارات البسيطة والعملية التي تحترم البيئة عبر استخدام الدراجات الهوائية. وكأنهم بصدد إنجاز مشروع وطني غير معلن نابع من وعيهم والتزامهم الذي لا يحتاج إلى نصوص للوصول إلى استخدام هذه الوسيلة الرائعة على نطاق واسع. الأمر لا يتطلب دائماً دراجة جديدة، فالكثير منها مشتراة مستعملة أو يقوم أصحابها بإضافات إبنتاكارية، اليوم مواقع الإعلانات الصغيرة والمجانية تقدمنا لنا أعداد كثيرة من الدراجات الهوائية المستعملة (كما هذا الموقع في المغرب) مثلاً.

لكن الأمور لا تخلو أحياناً من مشاكل مزعجة مثل ضيق الطرقات المخصصة للدراجات وازدحامها وصعوبة العثور على مواقف، إضافة إلى ازدياد حوادث الدراجات، والشجارات التي تحتدم أحياناً بين مستخدميها، والتي كانت يوماً ما، كما نعلم، حكراً على سائقي السيارات. هذا على الرغم من توفر ممرات مخصصة على امتداد ٣٥ ألف كيلومتر. وهكذا بدأ حلم الهولنديين الجميل يتحول في بعض الأحيان إلى كابوس مزعج، فما العمل في بلد يزيد عدد الدراجات فيه عن عدد السكان، لمواجهة متطلبات ٥ ملايين هولندي يستخدمون الدراجة بشكل يومي؟!


لكن لحسن الحظ نلاحظ مقابل هذه المشاكل إلتزام رسمي ومؤسساتي، ومشاركة للمسؤولين في قيادة الوعي العام. فنجد رئيس الوزراء وهو ذاهب إلى مقار عمله مستخدماً الدراجة. كما يسعى المعنيون إلى إيجاد حلول ناجعة والسهر على تنفيذها، كإستحداث مواقف كبيرة في الطوابق السفلية، ومصادرة الدراجات المركونة بطريقة غير نظامية، وإقامة مشاريع استثمارية، أهمها في العاصمة أمستردام بقيمة ١٢٠ مليون يورو لإتاحة ٣٨ ألف موقف جديد ومسالك إضافية على امتداد ١٥ كيلومتر. فهل سيساعد صبر الهولنديين الذين اشتهروا به في تجاوز الأزمات والوصول الى غاياتهم؟

نرجو أن نرى تجربتهم الإنسانية الجميلة وقد تحققت في بلداننا، خاصة وإنها مليئة بالمساحات الواسعة والهواء النقي.


0 التعليقات :

إرسال تعليق