التعب

يؤكد الأطباء أن للتعب أشكال وعوارض قد تكون مؤذية في بعض الأحيان ، وربما يحمل مثل هذا الشعور نذيرا بوجود أمراض كامنة ، وحالة التعب المقصودة هنا، هي التي تؤدي بصاحبها إلى الضيق من الإتيان بأي نشاط، وتجعله في وضع عليل إزاء متطلبات اداء العمل ، وهو يصيب ما بين 5 : 20 % من البشر، ويشكل مابين 5 و10 % من دوافع مراجعة الطبيب.
التعب يحدث لدى النساء أكثر منه عند الرجال، وهو حالة ملازمة للإصابة بمرض الاكتئاب (depression) ، وثمة عوامل وراء حدوث التعب، من بينها: النشاط البدني المفرط، بعض أنواع الالتهابات، أحداث تترك تأثيرات نفسية سلبية كموت عزيز أو خسارة مالية أو معنوية، الإرهاق والنوم المضطرب.

أمراض كامنة

ويشير الأطباء بحسب جريدة "القبس" إلى أن في حالات شبه نادرة، لا تتعدى نسبتها 10 % يكون التعب مترافقا مع أمراض كامنة، أهمها: فقر الدم (الأنيميا)، الالتهابات المزمنة، الأمراض المرتبطة بضعف المناعة، السرطان، السكر، عدم انتظام اداء الغدة الدرقية، المعاناة من انقطاع النَفَس أثناء النوم، التهاب المفاصل، مشاكل في الجهاز الهضمي مرتبطة بقصور في عمل الكبد وإفرازات الغدة الصفراء، القصور في القلب، ضيق النَفَس المزمن والروماتيزم.

نفسية سيئة

يمكن أن نجد التعب نتيجة معاناة حالات نفسية طارئة، أو مرضية، كالقلق والاكتئاب والاصطدام بظروف تبعث الذعر والهلع والعادات الغذائية السيئة.

إذا كان التعب، أو الإعياء والإحساس بالوهن، واحدا من العلامات التي تدل على مرض الاكتئاب بدرجاته المختلفة، فهذا لا يعني بالضرورة أن كل من يشعر بالتعب ووهن العزيمة مصاب بالاكتئاب. فللشعور بالتعب أسباب عدة، وهو بشكل أساسي ينتج من الإجهاد، ويصيب الشباب الحيوي الحركة كما يصيب الكهول، ويأتي من الجهد البدني كما الفكري، وغالبا ما تكون علاماته غير ذات علاقة بالاكتئاب او الإحباط.

كيف نعرف متى يكون الشعور بالتعب عاديا وليس دليلا على اكتئاب او إحباط نفسي؟

التعب غير المرتبط بالاكتئاب، يشعر به الإنسان بعد القيام بجهد بدني أو عندما يكون واقعا تحت تأثير الإرهاق المرتبط بهموم فكرية ومشاكل صحية جسدية، واحيانا يرتبط بالجينات التي يحملها شخص ما. وفي الإجمال فإن التعب يصيب شخصا من بين كل اثنين يعملان، في حين أن المصابين بالاكتئاب لا تتعدى نسبتهم 9 % من البالغين (كمتوسط) في المجتمعات المدنية

الجنس والعمر

النساء أكثر شعورا بالتعب من الرجال، وللعلم هن الأكثر عرضة لمرض الاكتئاب، وفي حين ان البالغين في مقتبل العمر غالبا ما يشعرون بالتعب عند القيام بجهد جسماني، أو فكري وعند المرض العضوي، اكثر مما يشعر متوسطو العمر، فإن مرض الاكتئاب لا يخضع لعامل السن.. وثمة مؤشر بسيط لكن بالغ الدلالة، في التفرقة بين التعب كشعور-رد فعل عادي، والتعب المرتبط باكتئاب ، فالأول نشعر به أكثر حدة مع كل نهاية أسبوع، في حين ان درجات التعب المترافق مع الاكتئاب لا تخضع تبدلاتها لتوالي الأيام.

عوارض مختلفة

تختلف عوارض التعب العادي عن تلك الدالة على الاكتئاب. فالشعور بالتعب يسبّ.ب هبوط مستوى النشاط وقلة الحركة، واضطرابات في نشاط الذاكرة ونعاسا أو رغبة في الهجوع إلى الفراش، وفقدان الدينامية في أثناء العمل وتيبسا أو عدم مرونة في الأطراف والعضلات.

أما الاكتئاب، فمن أبرز عوارضه: المزاج الحزين، عدم الابتهاج بالأحداث المفرحة أو فقدان القدرة على الشعور بالبهجة، اضطراب النوم، فقدان الشهية وخسارة الوزن، التفكير بالموت، والشعور الدائم غير المبرر بالذنب وعدم تقدير الذات، بطء التجاوب النفسي وتراجع القدرة على الفهم والتركيز.

واختلاف العلاج

الاكتئاب يحتاج إلى جهد وتدخل اختصاصي نفسي وطبيب بشري، لوصف علاج ناجع له. في حين أن علاج التعب العادي بسيط، يتمثل بكلمة واحدة: الراحة.

وفي حال لم يذهب التعب بعد الخلود إلى الراحة وقتا معقولا وجب مراجعة الطبيب لتقصي الأسباب، وما إذا كانت تتعلق بأمراض بسيطة أو أكثر خطورة.

الغذاء قبل الدواء

التوليفة السحرية لمقاومة التعب، تضم العناصر التالية: الفيتامينات، الأطعمة والمشروبات والأدوية التي تحتوي على الألياف ومشتقات الحديد والمنغيزيوم.

في العادة، تتكفل خمس حبات من الفاكهة والخضار، يجري تناولها يوميا، بتأمين حاجة الجسم الطبيعي إلى الفيتامينات، وهي أفضل غذاء يساهم في تنشيط عملية الأيض المسؤولة عن بث الحيوية في أعضائنا.
لكن علينا ان نعلم أن الفاكهة والخضار، لا تنفع وحدها إذا كان الدم يعاني نقصا في الفيتامينات، كحال المدخنين الذين يستهلك النيكوتين الفيتامين سي في دمائهم. هنا، ينصح الأطباء باعتماد وصفة متكاملة من الفيتامينات، على شكل حبوب او شراب، لتعويض النقص.

في العموم، وجبة صحية ومتنوعة تمد الجسم بمعين جيد على مقاومة التعب. والوجبة الصحية هي تلك التي تؤمن عناصر الغذاء الضروري لبقاء الجسم سليما. ومن المهم أن تحتوي هذه الغذية على عنصري الحديد والمنغيزيوم، ناهيك عن الألياف.

ومن الضروري احترام القواعد الصحية في تحضير وجباتنا، بحيث تكون محتوية على مكونات قليلة السكريات والدهون. علما بأن طريقة تناول الطعام مسألة مهمة، ما يعني وجوب أن نمضغ طعامنا على مهل وأن لا نأكل بين الوجبات، ولا ننسى أهمية الإكثار من شرب الماء.

الحديد والمنجيزيوم

نقص الحديد في الجسم، يحمل خطر الإصابة بفقر الدم، لأنه العنصر الأساس في تكوين الكريات الحمراء، إذا لم يحصل الدم على كفايته من هذه المادة، تقل قوة حركته ما ينعكس خورا في العزيمة وتعبا عاما في الجسم. أما نقص المنغيزيوم فيضعف الطاقة.

ولكي يتلافى الإنسان خطر نقص الحديد والمنجيزيوم في جسمه، لا بد له من تناول الأغذية الغنية بهذين العنصرين. فاللحوم الحمراء غير الدهنية، وبخاصة لحوم كالبقر والأغنام وأكبادها، والبيض والربيان هي الأفضل في تأمين الحديد.
بينما المنغيزيوم موجود في الفواكه الطازجة، شرط أن تؤكل بقشرها. لكن حذار الإفراط في تناول أي من هذه المأكولات لأن الزيادة كالنقصان، حيث زيادة الكالوري تعطي نتائج عكسية.

يبقى أن لا وجبة صحية كاملة المكونات الغذائية، إذا لم تكن الألياف في صلب مكوناتها. من هنا يجب أن تتضمن وجباتنا اليومية، إلى جانب الخضار والفاكهة، الحبوب الكاملة والخبز المصنوع منها، خصوصا عند الفطور، الألبان الغنية بالأنزيمات. ولا بأس بين الحين والآخر بطبق من الجيلي للتنويع.

إذا أردنا تدارك الإحساس المبكر بالتعب، علينا عدم الإسراف في الأكل والشراب عموما. وفي ما يخص السوائل يجب الإقلال من تناول القهوة، على رغم أن عددا قليلا من فناجينها يوميا مفيد، إنما ينبغي خصوصا الإقلال من شرب الصودا.

خطر السكريات

يحتاج جسم الإنسان الى السكر من أجل إمداده بالطاقة، إنما هذا لا يعني الإسراف في تناول الأطعمة التي تحتوي على السكر، بل المطلوب أقصى حدود الاعتدال، لأن تناول السكريات بما يزيد عن الحاجة، يرفع من نسبة الكلوكوز في الدم، ويزيد نسبة إفراز الأنسولين، وهو ما يرهق البنكرياس، باعتباره العضو المسؤول عن انتاج الأنسولين، وهذا الإرهاق يجر إلى تعب جسماني عام.
الحركة علاج

التمارين الرياضية اليومية، هي العلاج الأفضل لمشكلة التعب، بل السلاح الماضي الذي يبقيه بعيدا، ذلك أن الرياضة البدنية، إذ تشد عضلات الجسد وتحرك الدم بشكل أفضل في العروق، مساعد جيد تمنح ممارسها فرصة النوم المريح والهانىء، وهذا أمر كبير الأهمية، خصوصا إذا علمنا أن اضطرابات النوم من الأسباب الرئيسية للشعور المفرط بالتعب.
وعلينا أن نحرص على الانتظام في ممارسة الرياضة، فالعبرة ليست في كم من الوقت أقضيه لمرة واحدة في ممارسة تمارين ما، بل في مدى متابعة التمارين على مدى العمر، وفي أيام معلومة ومدة محددة من كل أسبوع.

نوم منتظم

النوم المضطرب، وغير المنتظم بأوقاته ومواعيده، عامل أساسي في زيادة قابلية الجسم للوقوع تحت ضغط التعب السريع. لذا فإن اكتساب عادات جيدة في النوم، يعادل في اهميته اعتماد النظام الغذائي السليم، وفي الواقع ثمة ترابط بين الاثنتين. ذلك أن الذهاب إلى الفراش بمعدة خاوية ليس أفضل كثيرا من النوم وقد انتفخ البطن بما لذ وطاب من دسم الطعام والحلوى، لذا ينبغي أن نعرف ماذا نأكل ونشرب مساء، ومتى وكيف.

وفي هذا الخصوص تبقى الوصفة القديمة هي الأفضل: وجبة خفيفة، خالية من الدهون والبهارات الحريفة، تمضغ على مهل ويجري تناولها قبل ساعات من موعد نومنا، ولا بأس بكوب من شاي الأعشاب من بعدها.

إلا أن القاعدة الذهبية لنوم هانىء تقوم على تحديد ساعة الذهاب إلى الفراش وموعد الاستيقاظ، واحترام هذين الموعدين واتباعهما بانتظام

0 التعليقات :

إرسال تعليق